كانت ليلةً هادئة والكل يغط في نومٍ عميق، وأنا كنت ممتداً على سريري أحتضن طوق الياسمين، عندها تذكرتك، تذكرت ضحكتكِ الجميلة، تذكرت عينيكِ اللتان تسحران بجمالهما كل مخلوق يراهما، آهٍ كم اشتاق إليك، آهٍ كم أتمنى أن أراكِ، ولكني لا أستطيع فأنا أسير هذه الغرفة الكئيبة، وحولي الحراس لا يسمحون لي بأي حركة صغيرة.
تذكرت ذلك اليوم في حياتي، عندما التقينا في تلك الأرض الخضراء التي اعتدنا اللقاء فيها وتبادل أعذب الكلمات وأجمل الضحكات وأروع الألحان، كنا أنا وأنت كعصفورين جميلين يحلمان بحياةٍ هنيئةٍ، تذكرت طوق الياسمين الذي وضعته على رقبتي وفي عينيك بريقٌ جميل، آهٍ لو أن ذلك اليوم انقضى عند تلك اللحظة، آهٍ لو أن هؤلاء الأوغاد لم يأتوا ليشعلوا نار الألم في قلبي، أتذكرين ما حصل وقتها؟
أتت تلك الوحوش لتدمر حياتي، أتت لتبعدني عنك، لقد أمسكتني وقيدتني بسلسلة من الحديد وعصبت عيناي بخيطٍ أسود سميك، أتذكر عينيك الجميلتين عندما فاضت دموع وأحزان، تمنيت لو أن الأرض انشقت وابتلعتني قبل أن أرى تلك العينين تذرف دمعةًً تشوبها الآلام، حبيبتي ما زلت أحتفظ بطوق الياسمين وأقبله كل ليلةٍ قبل أن أنام.
أردت أن تصلك رسالتي الآن، فوقفت ونظرت من تلك النافذة الصغيرة وصحت، صحت بكل قوتي وقلت:
من القلب الأسير إلى الحبيبة فلسطين
لم أجد ورقاً للكتابة فحفرت علي يدي بالسكين
سأقرأ لك رسالتي فهل أنت تسمعين
أنا مشتاقٌ إلى حضنك وقد قتلني الحنين
أريد أن أراك دقيقةً فأقبلك على الجبين
ولكني لا أستطيع فأنا في هذه الغرفة سجين
والحراس في كل مكانٍ منعوني من الرحيل
لقد أمسكوني وقيدوني بسلسلةٍ من الحديد
ووضعوني في هذا السجن مذ كنت طفلاً صغير
لقد غضبوا لأني أحبك أتصدقين؟
أنهم علموا بأني أقابلك منذ سنين
شاهدوني وأنا معك أمسك يدك الناعمة كالحرير
عندما قدمتِ لي طوقاً من الياسمين
ووضعته على رقبتي ألا تذكرين؟
حبيبتي,أرى دموعكِ تنهمر وقلبكِ علي حزين
لا تبكِ,فان بكيتِ ستجعلينني حزين
وان ضحكتِ فأنا لأجلك سعيد
اضحكي واقهري ذلك العدو البغيض
اضحكي كضحكتكِ في ذلك الليل الجميل
عندما جلست أتأمل وجهك البديع
الوجه الذي أحيا لأجله في هذا الكون الرهيب
فأنا أعيش من أجلك يا أجمل حبيب
اكتبي لي رسالةً وأرسليها مع الطير العزيز
فأنا مشتاقٌ إلى كلمةٍ من كلامك العذب الجميل
أرسلي رسالتك إلى من هو في الحب أسير
فأنا أسير حبك وأسير هذا السجن المخيف
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق